مقالات وابحاث

نداء أبو أحمد - ما هو اضطراب التوحـُّد؟

ما هو اضظراب التوحد؟
ما هي أسبابه وأعراضه المبكرّة؟

بحسب تعريف "الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية" في إصداره الخامس (DSM-V)، يعرف التوحد بأنه اضطراب تطوّريّ - عصبي واسع النطاق يتجسد في ظاهرتين اثنتين:

1.      نقص مستمر في التواصل والتفاعل الاجتماعيين وفي سياقات عديدة، يظهر في جميع المجالات الثلاثة الواردة أدناه، على أن تكون قائمة في الحاضر أو في الماضي القريب:

-          نقص في التواصل الاجتماعي- العاطفي: نرى أن الطفل غير منسجم بطريقة انسيابية في المواقف الاجتماعية ويبدي إخفاقاً في مهارات الاتصال المتبادلة بينه وبين المجتمع المحيط، إضافة إلى قلة مشاركته مَن حوله في مجالات اهتمامه وعواطفه وتدنّي التعبير العاطفي، إلى جانب نقص في المبادرة أو الاستجابة للتفاعلات الاجتماعية (مثل السعي إلى مشاركة الآخرين في اللعب أو تبادل الحديث).

-          نقص في سلوكيات التواصل غير اللفظي المستخدمة للتفاعل الاجتماعي، مثل الاتصال البصري، الايماءات الجسدية وتعابير الوجه (بهدف التعبير عن رغباته) وعدم القدرة على فهم الإشارات الجسدية.

-           نقص في القدرة على فهم العلاقات الاجتماعية، المحافظة عليها وتطويرها: مثل، ملاءمة التصرفات وتنظيمها بحسب المواقف الاجتماعية (مثلاً: التوجه إلى إنسان على مقربة منه بصوت منخفض ورفع الصوت كلما ابتعدت عنه/ استعمال استراتيجيات بديلة إذا لم يفهمه المستمع/ التصرف في الأماكن العامة بما يمليه عليه الموقف العينيّ) وفهم كيفية التفاعل مع أبناء جيله أو مع مَن حوله من الأشخاص.

2.      أنماط سلوكية أو مجالات اهتمامات قليلة، أو متكررة، تظهر في اثنين على الأقل من الأعراض المدرجة أدناه، على أن تكون قائمة في الحاضر أو في الماضي القريب:

-          مميزات نمطية أو متكررة تظهر في تعابير حركية، استخدام الأشياء أو الكلام (مثلاً: المشي على أطراف الأصابع، الرفرفة باليدين، التلويح بالأشياء باستمرار دون غاية معينة، أو ترتيبها بشكل معين، استخدام تعابير فريدة من حيث المفهوم أو الصيغة ، تكرار كلاميّ - تكرار فوريّ أو مؤجل للكلام).

-          الإصرار المعاند على الشيء ذاته، التمسك بالروتين وعدم تقبل التغيرات أو وجود أنماط روتينية من السلوك اللفظي أو غير اللفظي (مثلاً: شعور الطفل بالضيق الشديد عند ملاحظته أدقّ التغيرات الحاصلة في البيئة المحيطة به، التغيير في ترتيب غرفته أو موضع نومه، على سبيل المثال. يجد الطفل صعوبة في التنقل من مكان إلى آخر ويعتمد أساليب نمطية في توجهه إلى الآخرين، مثل الاستدارة لاحتضان شخص آخر؛ والانتقائية في الأكل، تناول طعام  معين من حيث اللون/ الطعم/ الرائحة/ الملمس).

-          مجالات اهتمام محدودة وثابتة وغير مناسبة من ناحية كثافتها أو وتيرتها (مثلاً: الارتباط المفرط بلعبة معينة/  الانشغال بأشياء غير اعتيادية؛ كالنظر المتكرر في زاوية معينة أو الجلوس في أماكن ضيقة. وإضافة إلى ذلك، هنالك مجالات اهتمام قليلة جدًا لدى الطفل، مثل اللعب المتكرر باللعبة نفسها والانجذاب لتشكيلة محدودة من الألعاب).

-          استجابة مفرطة / متدنية  للعوامل الحسية، أو الاهتمام غير المعتاد بالجوانب الحسية في البيئة المحيطة: عدم الاكتراث بالألم/ الحرارة: لا يُصدر الطفل أي ردّة فعل عند تعرضه للألم/ الحرارة كما هو متوقع من أبناء جيله؛  تجاوب سلبي مع الأصوات، مثلاً في حال سماع صوت المكيف، أو استشمام/ لمس مفرط للأغراض،  أو الانجذاب البصري إلى الأضواء؛ أو الحركة، مثل التركيز بصرياً على جزء صغير من اللعبة، أو التركيز المستمر في الأشياء المتحركة (كالغسالة عند تشغيلها، مثلاً).

** يجب تدريج حدة هاتين الظاهرتين المفصّلتين أعلاه في قائمة مرفقة، حسب نسبة احتياج الطفل للمساعدة والدعم في حياته اليومية.

3.      على الأعراض المذكورة أن تظهر لدى الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة.

4.      على هذه الأعراض ان تعكس نقصاً بارزاً في الأداء الاجتماعي والوظيفي لدى الطفل.

5.      إذا عانى الطفل من محدودية ذهنية أو تأخر تطوري شامل، فهذا لا يشكل تفسيراً واضحاً ومؤكداً لوجود الأعراض المذكورة أعلاه (حتى وإن كانت هذه الأعراض مصحوبة بمحدودية ذهنية أيضاً)، بل يجب أن يكون التواصل الاجتماعي لدى الطفل موضع التشخيص بدرجة أقل بكثير من المتوقع، مقارنة مع مستوى التطورالعام لدى الطفل.

 

أسباب انتشار الظاهرة في الآونة الاخيرة:

1.      زيادة الوعي حول الظاهرة لدى كل من الأهل، المعالِجين والعاملين في السلك التربوي وحول ضرورة التشخيص المبكر.

2.      التحسن في طرق التشخيص وكيفية إجرائه؛ تحديد المعايير التي يتم التشخيص بحسبها (في ما مضى، كان يتم تشخيص هؤلاء الأطفال على أنهم ذوو محدودية عقلية/ ذهنية).

3.      التطور في إمكانيات التشخيص - "طيف" أكثر اتساعاً.

4.      سهولة الوصول إلى المراكز المختصة.

5.      ازدياد الوعي والمعرفة في ما يتعلق بالخدمات المتاحة.

ما هي أسباب التوحّد:

أُجرِيت وتُجرى دراسات عديدة في البلاد والعالم في محاولات دائمة لفهم أسباب هذا الاضطراب. لكن حتى الآن، لم يتم تحديد آلية واحدة خاصة للتوحد، رغم أن هنالك إجماعاً على فكرة أن ظاهرة التوحّد تتأثر بعوامل جينية (منها وراثية) وعوامل بيئية تؤثر في حصول الطفرات الوراثية (מוטציות) وعلى نمو الدماغ لدى الطفل.   

 

 

ويمكن القول، إيجازاً، إن الأبحاث والدراسات المختلفة قد عَزَت العوامل المسببة للتوحّد إلى:

·         عوامل بيئية: مثل التعرض لملوثات بيئية، التسمم بالرصاص/ الزئبق والتطعيم.

·         عوامل اجتماعية وطبية: مثل تقدم سن الأب والأم (قبل الحمل)، الخضوع لعلاجات الخصوبة التي تشمل التلقيح الاصطناعي (IVF)، تناول الأدوية في فترة الحمل وشرب الكحول.

·         ارتفاع نسبة المضاعفات خلال فترة الحمل، لدى الولادة وفي فترة ما بعد الولادة (لدى الرضع حديثي الولادة):

-          تأخر نمو الجنين داخل الرحم (IUGR).

-          الخدج.  

-          تعدد الأجنّة.

-          وضعية غير طبيعية للجنين في الرحم (מצג עכוז).

-          الولادة القيصرية المستعجلة.

-          مشاكل في رحم الأم.

-          استعمال مادة "الفيتوتسين" لتسريع الولادة.

الأعراض المبكرة (في سنّ سنة واحدة):

-          قلة الاتصال البصري.

-          عدم استجابة الطفل لمناداته باسمه.

-          نقص التفاعل الاجتماعي- أحد الأعراض البارزة في اضطراب االتوحد هو النقص في ميل الطفل التلقائي لمشاركة غيره في المتعة، مجالات الاهتمام وتجارب النجاح الخاصة به. يقاس هذا، في السنة الأولى من عمر الطفل، بواسطة "الانتباه المشترك - הקשב המשותף" ـ وهو عملية عاطفية تدل على تطور قدرة الطفل على استيعاب معلومات عديدة في لحظة التفاعل الاجتماعي ذاتها (مثل، تتبع الطفل لامتداد إصبع شخص ما خلال تأشيره نحو شيء ما، أو قدرة الطفل على النظر في عينيّ الشخص المقابل له، ثم تتبع نظره حيث محط اهتمامه، ومن ثم معاودة النظر إلى الشخص أو العكس).   

                                            

     

-          انعدام الابتسامة الاجتماعية (عدم تجاوب الطفل مع ابتسام الآخرين له).

-          احتمال حصول تأخر لغويّ.

-          تراجع تطوريّ (يفقد الطفل مهارات كان قد اكتسبها من قبل).

-          نقص في التعبير والإيماءات.

-          نقص في التقليد التلقائي (تقليد حركي/ لفظي).

-          نماذج سلوكية / حركية مميزة.

يشارك في تشخيص اضطراب التوحّد كل من طبيب مختص (طبيب نفسي للأطفال/ طبيب مختص بالأمراض العصبية التطورية/ طبيب أطفال مختص ذو خبرة لا تقل عن ثلاث سنوات في المجال) وأخصائي نفسي تطوري أو سريري/ تأهيلي/ تربوي، شرط ان تتوفر لديهم الخبرة الكافية في التشخيص.

بالإضافة إلى ذلك، يطلب توجيه الطفل إلى فحص للسمع، تعبئة استبيانات من قبل الأهل والحاضنة أو مربية الصف ومن المفضل أن يُعرض الطفل على أخصائي سمع ونطق و/ أو أن يخضع لتقييم حسي- حركي، حسب الحاجة.

 


***

نداء أبو أحمد - معالجة سمع ونطق

مديرة حضانة الرازي للتوحد - رهط 

يَسرُنا ان تملأ بياناتك: الإسم - البريد الإكتروني، لكي يصلك كل الجديد حول "مركز الرازي لتأهيل الاطفال"