الهدف الرئيسي من العلاج الوظيفي هو تطوير استقلالية الفرد الشخصية والاجتماعية والمهنية ودمجه في مجتمعه، من خلال تعزيز مشاركته في الأنشطة الحياتية اليومية مثل: الأكل، اللبس، اللعب، التعلم، الترفيه، العمل والمشاركة الاجتماعية. تحدد أهداف التدخل وفقاً لاحتياجات وأولويات الفرد، تبعاً لبيئته وسنّه.
يُعرَّف اضطراب طيف التوحُّد (بالإنجليزيّة:Autism spectrum disorder - ASD ) بأنَّه اضطراب في النمو العصبي، يتأثَّر بمزيج من العوامل الوراثيّة والبيئيّة ويؤثر على تطور الطفل، إذ يتميَّز بظهور صعوبات في تحقيق المهارات التواصلية، الاجتماعيّة، العاطفية والسلوكيّة. هو اضطراب واسع النطاق ولذلك تختلف الأعراض التي يُعاني منها الأطفال المصابون به. تشمل الإصابة بهذا الاضطراب أيضاً ظهور بعض الأنماط السلوكيّة المحدودة والمتكررة مثل الرفرفة باليدين، التلويح بالأشياء دون هدف معين وغير ذلك. تبدأ أعراض الإصابة بهذا الاضطراب في سن الطفولة المبكّرة، وغالباً ما تظهر خلال السنوات الثلاث الأولى من عُمر الطفل، مع أنه بالإمكان ملاحظتها منذ الولادة.
تختلف حدّة أعراض الإصابة بالتوحّد من طفل إلى آخر وتتعدد هذه الأعراض والعلامات التي يمكن ملاحظتها خلال فترة الطفولة المبكرة، مثل: عدم المبالاة بالشخص الذي يقدم الرعاية للطفل، عدم القدرة على البدء بإجراء محادثة، عدم القدرة على الاستمرار بإجراء المحادثة، عدم الاستجابة لمناداة المصاب بالاضطراب باسمه، انخفاض معدّل الاتصال العينيّ المباشر، فقدان بعض المهارات اللغوية والقدرة على الكلام رغم اكتسابها من قبل، صعوبة التعبير عن المشاعر، مقاومة الطفل للعناق وتفضيله اللعب بمفرده إضافة إلى رغبة محدودة في اللعب، التمسك بروتين محدّد وعدم تقبل التغييرات فيه، تفضيل أنواع محدودة فقط من الطعام واستجابة مفرطة أو متدنية للمثيرات الحسية، مثل ازدياد الحساسيّة للضوء أو الصوت أو اللمس، على الرغم من عدم الاكتراث بالألم أو الحرارة في بعض الحالات.
العلاج الوظيفي، أو العلاج بالتشغيل (Occupational Theray) هو مهنة علاجية، تأهيلية وتعليمية من المهن الطبية المساندة، تعنى بالأشخاص المصابين بصعوبات أو إعاقات جسدية، حسية، حركية، ذهنية، نفسية أو اجتماعية. يعمل المعالج الوظيفي على تأهيل، أو إعادة تأهيل، المهارات والقدرات التي تساعد المصابين بالتوحد على التكيف وتمكينهم الوظيفي في البيئة المحيطة، من خلال نشاط هادف.
الهدف الرئيسي من العلاج الوظيفي هو تطوير استقلالية الفرد الشخصية والاجتماعية والمهنية ودمجه في مجتمعه، من خلال تعزيز مشاركته في الأنشطة الحياتية اليومية مثل: الأكل، اللبس، اللعب، التعلم، الترفيه، العمل والمشاركة الاجتماعية. تحدد أهداف التدخل وفقاً لاحتياجات وأولويات الفرد، تبعاً لبيئته وسنّه.
دور العلاج الوظيفي مع الأطفال المصابين بالتوحد
يشكل تقييم الحالة والاحتياجات حجر الأساس في تحديد وبناء برنامج التدخل في العلاج الوظيفي. تجري عملية جمع المعلومات بالتعاون مع طاقم مهني متعدد الاختصاصات، مثل المعالج باللغة والنطق، الأخصائي النفسي وغيرهما، وبالتعاون مع عائلة الطفل والطاقم التربوي من أجل تقييم أداء الطفل اليومي ومدى مشاركته في سياقات مختلفة من خلال مشاهدات، تعبئة استمارات، محادثات وغير ذلك.
لكي يتم تقييم مستوى أداء الطفل ومشاركته، يجب فهم القدرات والمهارات المختلفة التي يمكن أن تضمن له استقلالية في مهارات العناية بالذات والحفاظ على النظافة الشخصية والقدرة على اللعب بما يتناسب مع المتوقع من أبناء جيله. هذه المهارات تشمل المهارات الحركية الغليظة، مثل المشي، القفز، تسلق السلم وغيرها، والمهارات الحركية الدقيقة، مثل مهارات التركيب والتآزر الحركيّ ـ البصريّ، ومهارات استخدام الأدوات المختلفة، كالقلم والمقص، إضافة إلى مهارات ما قبل الكتابة، مثل الرسم، التلوين والتوصيل.
يقوم المعالج الوظيفي أيضا بتقييم ردود فعل الطفل ومدى استجابته للّمس والمحفزات الحسية، قدرة الطفل على التركيز والانتباه، قدراته الذهنية والإدراكية المختلفة، ومنها الإدراك البصري، بما في ذلك تمييز الاختلافات بين الألوان، الأشكال والأحجام، وقدرة الطفل على الانتقال من نشاط إلى آخر، سلوكه، تفاعله مع والديه وغير ذلك.
يوفر تقرير التقييم معلومات عن المهارات والصعوبات التي يواجهها الطفل في أدائه اليومي وعن مستوى الدافعية لديه، عن الآليات الأساسية للتنظيم الحسي وغيرها. كما يُحدد التقرير ما إذا كان الطفل بحاجة إلى خدمات العلاج الوظيفي أم لا، ويُوضح أهداف التدخل التي يضعها المعالج الوظيفي، بالتشاور والتنسيق مع عائلة الطفل.
تدخلات العلاج الوظيفي لدى الطفل المصاب بالتوحد
بعد جمع المعلومات، من خلال المشاهدات وغيرها، يقوم المعالج الوظيفي ببناء برنامج علاجيّ للطفل يستند على نتائج التقييم ويشمل استراتيجيات متنوعة لتعزيز قدرة الطفل على المشاركة في الأنشطة اليومية في المنزل والمدرسة والمجتمع. يقاس النجاح أو التقدم في برنامج التدخل بمدى تحسين أداء الطفل أو قدرته على التكيف والمشاركة في الأنشطة اليومية الحيوية والهادفة، المبادرة، تطوير وتوسيع مجالات الاهتمام وزيادة الرضا الشخصي، الذي من شأنه مساعدة الطفل على التفاعل والتواصل بشكل أفضل مع البيئة المحيطة به.
بعض مجالات التدخل:
1) اللعب – يجد الطفل المُصاب بالتوحد صعوبات في مجالات اللعب المختلفة، مثل اللعب التمثيلي والتخيّلي وتُلاحَظ، في بعض الأحيان، أنماط اللعب التكرارية، مستوى من اللعب لا يتناسب مع المتوقع من أبناء جيل الطفل وميل الطفل إلى اللعب وحيداً بمفرده. وبهذا، تبقى مجالات اللعب محدودة وغير متطورة. يكمن التدخل في هذا المجال في ملاءمة متطلبات اللعب لقدرة الطفل على التواصل، توسيع مجالات الاهتمام من خلال اللعب وتطوير القدرات الاجتماعية، الحسية، الحركية والإدراكية، التي من شأنها أن تساعد على تطوير رغبة الطفل وقدرته على اللعب، مثل الأنشطة الحركية التي تهدف إلى تطوير مستوى التناسق بين العين واليد وغير ذلك.
2) المشاركة الاجتماعية – يتمثل النقص في التفاعل الاجتماعي، بكونه إحدى الظاهرتين المحددتين في تعريف التوحد بحسب "الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية" في إصداره الخامس (DSM-V)، في صعوبة المبادرة أو الاستجابة للتفاعلات الاجتماعية، صعوبات في سلوكيات التواصل الكلامي وغير الكلامي (مثل، الاتصال البصري، الايماءات الجسدية وتعابير الوجه) إضافة إلى صعوبة في القدرة على فهم الرموز الاجتماعية وغير ذلك. وقد تؤدي هذه الصعوبات إلى منع الطفل من المشاركة الاجتماعية في اللعب مع أقرانه، المشاركة في حفلة مع أبناء جيله وغير ذلك. تكمن أهمية التدخل هنا في تمكين هؤلاء الأطفال من اكتساب مهارات اجتماعية تؤهلهم للتواصل مع أبناء جيلهم وتمكّنهم من تكوين صداقات وتمنحهم الشعور بالانتماء لمجموعة؛ هذا إلى جانب وفي موازاة التقليل من أنماط السلوك النمطية والمتكررة، سعياً إلى بلوغ شكل أفضل ومناسب أكثر من التفاعل والتواصل مع الآخرين.
3) الاستقلالية في الأنشطة اليومية – يتم تحفيز الطفل وتعويده على التمتع بأكبر قدر ممكن من الاستقلالية في الأنشطة اليومية المطلوبة منه، حسب سنّه وتوقعات البيئة المحيطة به، مثل تنظيف الأسنان، تمشيط الشعر، المحافظة على النظافة الشخصية وغيرها. تشمل عملية التدخل هنا بناء برنامج لتعلم مراحل النشاط، تبعاً للعوامل التي تمنع الأداء أو تقيّده، إلى جانب ملاءمة البيئة لدعم الاستقلالية في هذه الأنشطة.
لتحقيق أقصى درجات الاستفادة من العلاج، لا بد من التركيز على النقاط التالية:
· الحرص على أهمية العلاج والتدخل المبكر.
· تحفيز وتشجيع الطفل ليصبح مستقلاً وقادراً على الاعتماد على نفسه في الأمور التي تتعلق بمهارات الحياة اليومية.
· اتاحة المجال للطفل لطلب المساعدة، سواء بصورة كلامية أو باستخدام الإشارة.
· استخدام التوجيه اللفظي مع تعابير الوجه الملائمة في التعامل مع الطفل.
· فتح المجال أمام الطفل للعب والتفاعل مع الآخرين.
· الاستمرارية في العمل مع الطفل على الأهداف العلاجية في البيت، سعياً إلى بلوغ مرحلة التعميم.
أمان غنايم - معالِجة وظيفية في الوحدة العلاجية في مؤسسة "الرازي" - عرابة
أوطان أبو الهيجاء – معالِجة وظيفية ومديرة الوحدة العلاجية في مؤسسة "الرازي" - عرابة
يَسرُنا ان تملأ بياناتك: الإسم - البريد الإكتروني، لكي يصلك كل الجديد حول "مركز الرازي لتأهيل الاطفال"
Instagram
Whatsapp
Facebook
messenger